روايات

رواية هويت رجل الصعيد الفصل التاسع عشر 19 بقلم نور زيزو

رواية هويت رجل الصعيد الفصل التاسع عشر 19 بقلم نور زيزو

رواية هويت رجل الصعيد الجزء التاسع عشر

رواية هويت رجل الصعيد البارت التاسع عشر

رواية هويت رجل الصعيد الحلقة التاسعة عشر

___بعنـــوان “أمــل “___
حالة من الذعر والخوف أصابت الجميع والدموع لم تجف وهلةً واحدةً في عيون أحد، كان واقفًا أمام غرفة العمليات ينتظر خروجها على قيد الحياة وينظر على يديه الملوثة بدمائها وهو لا يصدق بأن هذا حدث لزوجته، جاء “عطيه” مُسرعًا بعد أن ألقى بـ “حورية” في السجن ووقف جوار “نوح” لكنه في عالم غير العالم لا ينتبه لأحد وغارقًا في ذكرياته معها وقبل قليل كانت تلهو وتركض بسعادة والآن على فراش الموت تصارعه كما غريب القدر يُمزق السعادة بالحزن في أقل من دقيقة، وقف “عطيه” جوار “ليلى” الباكية ثم همس إليها بخفوت:-
-الدكاترة جالت أيه؟
رفعت عينيها إليه ليرأى الدموع لوثت عينيها الخضراء وهى على وشك السقوط من الأنهيار والخوف فصمت، جاء “على” مُصدومًا مما سمعوا عندما عاد للمنزل فنظر إلى حال ابنه المُنهار رغم صمته وهدوئه، فتح الباب وخرج الطبيب فهرع “نوح” و”عليا” أولاً لينظر الطبيب بأسف شديد لهما وقال:-

 

 

-أدعولها لأن حالتها حرجة جدًا وإحنا هندخلها الأنعاش
تركهم ورحل ولم يفهم ”نوح” شيء، فور حضورها أخبره الطبيب بأن الرصاصة أخترقت القلب والآن في وضع حرجة، لم يراها إلا من خلف الزجاج لمدة أسبوع وبعدها ما زالت لا تستجيب للوعى لمدة أكثر من شهر، حدثها وهو يجلس جوارها والأجهزة تحيط بها وأصواتها فقط تمليء الغرفة تمتم بلطف وهو يمسح على رأسها:-
-أنتِ جولتى ما هتهملنيش واصل، جولتى هتحاربى الموت عشانى يا عهد، أتنفسي نفس واحد بس يجلب كل الموازين
جفف دموعه سريعًا عندما فتح الباب فدلفت الممرضة تحقنها في الوريد بحقنة ثم قالت بنبرة خافتة:-
-الدكتور عاوز حضرتك
رفع نظره إليها بقلق ثم أومأ بنعم لتغادر الممرضة فهندم ملابسه وذهب إلى الطبيب فأعطاه الطبيب ورقة positive،نظر “نوح” للورقة ثم قال:-
-أيه دا
لا يعلم الطبيب أيحق له أن يبتسم أم يؤاسي هذا الرجل فقال:-
-مدام عهد حامل
أتسعت عينى “نوح” على مصراعيها بصدمة الجمته ورفع رأسه للطبيب مُصدومًا وكأنه صُعق بضربة كهربائية فقال:-
-أيه؟!!
تنهد الطبيب بخفة وهو يعلم كما يصعب عليه الموقف، زوجة لم تتنفس بنفسها دون الأجهزة وتحمل طفل لم يتكون بعدًا مجرد نطفة من الدم، سار “نوح” بعيدًا حاملًا لورقة الأختبار مُصدومًا والطبيب يتابعه بعينى ثاقبة يشفق على حاله….
__________________
كنت “حورية” تجلس مع والدتها في السجن وتبكى بهلع بجسد مُرتجف وهى تقول:-
-أنا مكنش جصدى يا أمى، نوح هو اللى أستفزنى مكنش جصدى أجتل وأدخل هنا، أنا مكنتش في وعي
أردفت “فاتن” بأختناق شديد قائلة:-

 

 

-مكنتش تجصدى ولا تجصدى في الحالتين أنتِ جتلت البنية وأنتهى الموضوع ربنا يستر على اليوم اللى هيشيل عنها الأجهزة، نوح هجتلك قبل ما يوصلها للجبر حتى لو كنتِ في السجن، لتكونى فاكرة يا خبيتى أن السور والعساكر دول هيمنعوا نوح من تأره
وضعت “حورية “ يديها على وجهها وهى تجهش في البكاء بخوف شديد من السجن و”نوح” وتُمتم بضعف قائلة:-
-مكنش جصدى والله مكنش جصدى
أربتت “فات” على قدم ابنتها بشفقة وحزن على حال أبنتها التي سُتعدم وإذا رحمها القضاة ستكون اشغال شاقة مؤبدة فهى تعمدت القتل ولم تقترفه بدون قصد، دمعت عيني “فاتن” وقالت:-
-أنا هتحدد ويا أخوكى وربك يسهلها والمحامى مهسبكيش
غادرت “فاتن” تاركة ابنتها في حبسها باكية نادمة على فعلتها…
___________________
عاد “نوح” إلى غرفة زوجته ليجد “عليا” بالداخل تمسح جسد “عهد” بالمنشفة المبللة فوقف بهدوء يتابعها وهى تأتى يوميًا لأختها باكية وتهتم بحالة جسدها وتتحدث عن غضب “عهد” عندما تستيقظ وتجد جسدها متسخ، جلست تصفف شعر أختها جوارها بلطف وبدأت تحدثها بصوت خافت:-
-مش هتقومى يا عهد بقى، أنتِ وحشتينى بلاش أنا عشان أنا عارفة أنك لسه زعلانة منى طب ونوح هتسيبى لوحده كدة، متمشيش يا عهد وأنتِ زعلانة منى خلينى أصالحك كويس وأوريكى انا جبتلك أيه أحدث شنط من غوتشي، طلبتهم مخصوص من أيطالية عشانك قومى عشان تشوفيهم وكمان خليت ليلى تشتري أحدث أيفون عشانك
كانت تُحدثها وهى تقلم لها أظافرها فدلف “نوح” للغرفة وتنحنح بخفة لتقف “عليا” بقلق ثم قالت:-
-الدكتور قالك أيه؟
أعطاها ورقة الأختبار لتنظر بها فصُدمت بدهشة مما تراه ثم نظرت على أختها الغائبة عن الوعى بصدمة ألجمتها…
__________________
خرجت “ليلى” من المطبخ حاملة طبق به بسبوسة وذهبت إلى غرفة “سما” ثم قالت بعفوية:-
-أنا عملتلك بقي يا ماما بسبوسة تستاهل بؤك
وضعت الطبق على الكمودينو وجلست قُرب “سما” لتقظها لكنها لم تُجيب عليها فأرتعبت “ليلى” خوفًا من ان تكون هذه المرأة أصابها شيء فقالت:-
-ماما
هزت “ليلى” بخفوت لتصرخ “سما” بها بضيق شديد قائلة:-
-أنتِ بستقوى عليا يا بت
تحدثت “ليلى” بقلق شديد وخوف :-
-والله أبدًا يا ماما

 

 

قربت “سما” وجهها من وجه “ليلى” ثم قالت:-
-أنتِ بجى الغجرية بتاعت الموالى اللى بتلفى على ولدى وعايز تتجوزيه بعينك
دمعت عينى “ليلى” بحزن من معارضة هذه المرآة المريضة لزواجها من ابنها وقالت:-
-لا والله أنا مش غجرية أنا بنت محترمة
عادت “سما” بظهرها للخلف ثم قالت بضيق شديد:-
-جومى يا بنت هاتى الشنطة السوداء اللى في الدولاب
ذهبت “ليلى” لتحضر ما طلبته ثم أعطته إليها وجلست مرة أخرى تراقبها عن كثب و “سما” تفتح الكيس وتخرج منه حبات عين الجمل ثم أعطتها واحدة وقالت:-
-كسرى دى
أومأت “ليلى” لها بنعم ثم أخذت الحبة منه وكسرت فتبسمت “سما” بلطف وقالت:-
-ورينى أسنانك أكدة
أتسعت عينى “ليلى” على مصراعيها ثم قالت بهمس:-
-دا قر دا ولا أيه؟
ضربت “سما” ركبتها بغضب وهى تقول:-
-سمعتك
تنحنحت “ليلى” بحرج وفتحت فمها إلى “سما” لتقول:-
-سنانك زينة ما هو أنا مهسيبش ولدى يا يدب مرة تانية

 

 

 

رمقتها “ليلى” بغيرة شديدة وهى تقول:-
-تانية!! هو كان في اولانية
ضحكت “سما” بعفوية بعد أن أشعلت نيران الغيرة في قلب هذه الفتاة وبدأت تحرقها حتى أن “ليلى” شعرت بأنها تشم رائحة حريق قلبها فتابعت “سما” بنبرة خبيثة أكثر:-
-وااا وأنتِ حد جالك أن ولدى راهب في نفسه، دا الصعيد كله مفهوش حد في شجاوة ولدى وهو موجفة بنات الصعيد كلته على نظرة منه
ضربت “ليلى” قدمها بأغتياظ شديد من الغيرة ثم قالت:-
-بنات الصعيد كلهم، يومك مش فايت يا عطيه
أعطتها “سما” حبة من عين الجمل مرة أخرى وتبسمت ببراءة الأطفال فنظرت “ليلى” لها بضيق وبدأت تكسر لها كل الحبات من الغضب تفرغ بهم القليل من الغضب، فتح باب الغرفة ودلف “عطيه” لترمقه “ليلى” بغضب وهو يقول:-
-سلام عليكم
وقفت “ليلى” من مكانها ليسقط قشر المكسرات من ملابسها أرضًا لكنها لا تبالى وذهبت نحوه وهى تجذب يده وتخرج فقالت “سما” بغضب:-
-خد أهنا يا بنت
حدثتها “ليلى” وهى تفتح باب الغرفة:-
-بعدين يا ماما
خرجت به للخارج ثم وقفت أمامه وهو مُندهش من تصرفها ولا يعلم سبب غضبها المُتلهب فتركت يده ثم قالت بحدة:-
-كنت فين؟
نظر إليها بدهشة لتقول بغضب أكثر:-
-شوف أنا مش هعيد كلامى كنت فين؟
هندم ملابسه بذهول ولا يُصدق ما يسمعه وهى تعامله كمجرم فقال:-
-جرى أيه يا ليلى أين زينة
كزت على أسنانها بأغتياظ ثم قالت:-
-أنا كنت زينة لحد ما شوفتك
أستدارت لكى تغادر وهى غاضبة وتقول:-
-أنا كان مالى ومال الأرتباط والنيلة مش كفاية انى صومت صومت وفطرت على بصلة
كرر كلمتها بذهول أكثر وهو يخرج خلفها:-
-بصلة

 

 

صاحت وهى تلف إليه غاضبة:-
-قصدى عطيه أنت مالك فخور بنفسك كدة لأيه كأن أسمك كاظم الساهر دا أنت أسمك عطيه يا أبو عطيه
أرتطم ظهرها بالباب فأنفجر ضاحكًا عليها رغم غضبه من سخريتها بينما خرج منها صرخة ألم بسبب مقبض الباب الذي أخترق عمود الفقري ونظرت “ليلى” إلى ضحكاته بضيق شديد فقال:-
-أنا أسف، ممكن تفهمنى بس حصل أيه
قوست شفتيها للأسفل وهى تقول:-
-عامل فيها مؤدب وأنت لفيت على بنات الصعيد كلهم
قهقه ضاحكًا عليها عندما وصل إليها قال بجدية:-
-دا كلام أمى مش عيب عليكى لما تسمعى كلام مريضة خرف دا أنا ما فهمك أنها ممكن تحكي فيلم على انه حصل معاها
غادرت المنزل وهى تقول:-
-والله أضحك عليا بكلمتين ما أنت شايفة العبيطة اللى بتصدقك
ضحك “عطيه” عليها ثم قال:-
-هو في عطبية برضو كيف البدر أكدة
ضربته بقوة على كتفه وهى تنظر حولها بخجل شديد من حديثه لتقول:-
-واا أتأدب يا عطيه حد يسمعك
وضع يده على كتفه بدهشة من قوتها وهى بجسد نحيفة وقال:-
-ذنبى أنا يعنى أنى بجولك كلام حلو كيف البنات ما أنا معرفش هتنل وأتجوز ميتى
سارت معه بوجه عابس قائلًا:-
-مش قبل ما عهد تقوم فياريت طول ما أنت قاعد تدعيلها تفوق عشان تتجوز
نظر إليها وهو يسير جوارها ثم قال:-
-يا ليلى أنا معترضتش ولا مانعت بس أنا نفسي أوصل للفرح سليم من غير أصابات الله يرضي عليكى
قهقهت ضاحكة عليه ثم تبأطات ذراعه بخفوت وقالت:-
-متقلقش يا بوب أنا ماليش في الأصابات

 

 

نفض ذراعه منه بغضب ثم قال بجدية:-
-لا دا واضح مالكيش في الرومانسيات أيه بوب اللى بتجولي دى في واحدة تجول لخطيبها يا بوب
توقفت عن السير ونظرت إلى بحزن شديد مصطنع ليتوقف عن السير ونظر إليها بغيرة وقد توقفت قدميها أمام قهوة بلدى يجلس عليها الكثير من الرجال لتقول بزمجرة:-
-أنت بتشد أيدك منى يا عطيه
أسرع إليها بخطوتين ليمسك يدها ويجذبها بقوة ليسير بعيدًا ويقول بعنف وغضب:-
-أنتِ هبلة عشان تجفى جد الرجالة وتتجمصي
تبسمت “ليلى” إليه وقالت:-
-وااا أنت بتغير يا بوب
أشتاط غضبًا أكثر وكاد أن يضربها غضبًا من هذه الكلمة لتقول بعفوية:-
-خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود يا حبيبى
نظر إليها بدهشة لتسرع في خطواتها خجلًا منه وهو يسير خلفها ويتحدثها قائلًا:-
-مرة تانية وحياتى مرة تانية
ضحكت بخجل وهو يسير خلفها وقلبه يتراقص فرحًا ليقول بجدية:-
-يا رب أموت لو ما جولتيها تانى
ألتفت له بغضب سافر وأسرعت إليه لتضرب صدره بقوة وهى تقول:-
-بعد الشر
تألم من ضربتها لكنه حدق بعينيها وقال:-
-مش بجولك يا رب أوصل للفرح من غير أصابات، ما علينا جوليها
ألتفت مُتحاشية النظر إليه بخجل شديد ثم قالت:-
-حبيبى
تبسم وهو يسرع خلفها بنظراته
__________________

 

 

خرج “عمر” من عمله وأنتظارها حتى تبدل ملابسها مع صديقاتها لتخرج “عليا” وتراه واقفًا أما السيارة فأسرعت في الركوب وهى تقول:-
-أتأخرت
هز رأسه بلا ثم أنطلق بالقيادة إلى حضانة “يونس” ومن ثم يذهبون إلى المستشفى، في كل مرة يأخذها إلى المستشفى يراها ترتجف قلقًا فأخذ يدها في يده وهو يقول:-
-متقلقيش يا عليا
نظرت “عليا” إليه وقالت بقلق:-
-بخاف يا عمر، كل مرة وأنا رايحة بترعب لأروح وما لاقيش عهد مستنية وفى نفس الوقت ببقى بجرى على أمل أن الدكاترة تقول أن في أمل ويغيروا كلامهم طول الـ
أسابيع دول وكلامهم واحدة مفيش أمل ومبتتنفسش لكن أنا عندى أمل يتغير، حالة رعب وأمل جوايا متفهمهاش
تبسم “عمر” بلطف إليها فتابعت وهى تعود بنظرها إليه:-
-أنا خايفة تمشي وهى زعلانة منى وكنت هندم العمر كله ولو مكنتش روحت الصعيد لما قولتلى، بعد ما الأوان فات أكتشفت أن ربنا بيدينا الفرص بس إحنا الأغبياء اللى بنضيعها بكبريائنا وغرورنا، ربنا أدانى فرص كتير أوى عشان أرجع لها وأفرحها في كل مرة كانت بتتصل بيا وأنا بكل أنانية مكنتش بفكر غير في نفسي وبتجاهل الفرصة دى ودلوقت مش باقى ليا غير الندم والقهرة اللى أنا سبب فيهم
تحدث “عمر” بنبرة هادئة هاتفًا:-
-أن شاء الله هتفوق عشانك وعشان جوزها وابنها اللى في بطنها، عهد قوية ومش هتستسلم بالسهولة دى صدقينى
دمعت عينيه “عليا” لتضع يدها على وجهها ثم قالت:-
-فكرة أن محدش كبير على الموت مُرعبة يا عمر، عهد مهما كانت قوية هي ضعيفة قدام مشيئة ربنا ودا راعبنى جدًا
تبسم “عمر” إليها وقال بحنان:-
-بس ربنا رحيم وقال (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) صدق الله العظيم أدعى يا عليا ربما يستجيب لدعواتك
أومأت إليه بنعم ثم ترجلت من السيارة أمام المستشفى…
________________

 

 

مسك “نوح” الطبيب من ملابسه بقوة وغضب شديد بداخله قائلًا:-
-أنت بتجول أيه؟
أجابه الطبيب بخوف من هذا الرجل المُخيف وعينيه تبث شرارة قائلًا:-
-يا أستاذ نوح أكدب عليك لو قولتلك أن فى أمل، إحنا لازم نرفع عنها الأجهزة
هز “نوح” رأسه بخوف شديد من فقدها للأبد وتمتم قائلًا:-
-لا مستحيل، أوعاك تجرب منها
تنهد الطبيب بهدوء وهو يعلم موقف هذا الرجل وكيف سيحضر الموت إلى زوجته بيده ثم قال:-
-أنت راجل مؤمن وعارف أن الأعمار بيد الله
دمعت عينى “نوح” بضعف خائفًا من لحظة الفراق بعد أن تشبث بأمل الحياة ثم قال:-
-أنا مجدرش أخسر عهد، مجدرش
اربت الطبيب علي كتفه برفق وهمس قائلًا:-
-أنت كدة بتعذبها لأن إكلينيكياً مدام عهد ميتة وهى موجودة لحد دلوقت بالأجهزة بس، سيبها ترتاح لأنها متستاهلش العذاب دا، أنا لمصلحتى تكون هنا لأنك بتدفع فلوس بس دى فلوس فى الهواء مالهاش أى فايدة
أخفض “نوح” رأسه بضعف للأسفل لتسيل دمعته على وجنته وقال بتمتمة:-
-أنا كان عندى أمل ولو واحد فى المية، كنت متعشم أوى فى رحمة ربنا عليا ويشيل عنى عذاب الفراج بس الحمد لله مجدرش أجول غير الحمد لله على كل حال لكن كيف أنا اللى أجتل مرتى بيدى.. كيف يا خلج أسيب يد حبيبة قلبى…
كاد الطبيب أن يتحدث لتقطعه الممرضة وهى تأتى ركضًا إليه وتناديه فقالت:-
-يا دكتور يا دكتور ألحقنا
ألتف الطبيب إليها و”نوح” واقفًا بهدوء لا يبالى لتقول الممرضة:-
-أتنفست.. المريضة في الأنعاش أتنفست
ألتف “نوح” بدهشة إليها فهل تتحدث عن زوجته ليركض الطبيب وخلفه “نوح” وعندما وصوله للغرفة دخل الطبيب وأغلقت الممرضة الباب في وجه “نوح” تمنعه من الدخول وبدأوا يفحصوها وهو يحدق بها من خلف الزجاج ويضع يده مُتشبثًا الحاجز الزجاجى وهو يتمتم قائلًا:-
-أثبتى يا عهد أثبتى يا حبيبة قلبى

 

 

جاءت “عليا” بعد أن سمعت حديث الممرضين في الخارج عن المريضة التي عادت للحياة وأنتصرت على الموت بعد غيابها لفترة واقفة على حافة الموت، خرج الطبيب بعد مُبتسمًا ثم أربت على كتف “نوح” وقال:-
-مش قولتلك الأمل في دعاك ليها
غادر الطبيب ليدخل “نوح” الغرفة وهى ما زالت فاقدة للوعى لكنها أعطتهم أشارة واحدة على أنها ما زالت قوية وتتشبث بالحياة مثلهم…
__________________
دلف “خلف” إلى مكتب “على” في المنزل وقال:-
-في واحدة برا يا حج عاوزة تجابلك
خرج “على” معه ليرى هذه المرأة الغجرية تقف بأنتظاره بخوف وحرج من قدومها فقال بتساءل:-
-نعم جالولى أنك عاوزانى
أومأت إليه فأخذها لغرفة المكتب لتخبره بسر مساعدتها إلى “خالد” ليقف من مكانه بصدمة مما سمعه وقال:-
-أنتِ حبلة من خالد
نظر إلى بطنها المُنتفخة قليلًا بصدمة لتجهش باكية وقالت:-
-ساعدنى ياحج الله يستر عليك، خالد ضحك عليا ومن ساعة ما جولته على الحبل دا وهو بيتهرب منى وأنا كدة هتفضح
جلس “على” على مقعده بضيق وتنهد بهدوء يفكر في هذه الكارثة ثم قال:-
-يا بنتى أنا ماليش حكم على خالد وهو مش أهنا أنا كل اللى أجدر أساعدك فيه أن أخليكى تستنى أهنا هبابة لحد ما أمه ترجع وتتحددي وياها
أخفضت رأسها بأنكسار وحسرة ثم أومأت إليه بصمت لتغادر غرفة المكتب وأخرج هاتفه من جيبه ليُحدث “نوح” وأخبره بهذا الحديث ليقول “نوح”:-
-أنا ماليش صالح بيهم ومرت عمى دى متجعدش يوم واحد في بيت لما أعاود
وضع سيجارته في فمه لينفث دخانها ليسمع صوت والده يقول:-
-لما تعاود ربك يسهلها طمنى على مرتك
رفع “نوح” نظره إلى المستشفى وهو يقف في الخارج من أجل سجائره وقال:-
-أدعيلها يا حج بجالها سبوع بتتنفس لكن مفيش جديد
أنزل الهاتف عن أذنه ليرى رقم “ليلى” فأغلق مع والده وفتح الخط ليأتيه صوت حبيبته تقول:-
-سبتنى وروحت فين ….
رفع نظره بدهشة إلى مبنى المستشفى وركض مُسرعًا للداخل على الدرج لم ينتظر المصعد وقد سقطت سيجارته منه وقلبه يتسارع بلهفة شوقًا إليها وصوتها قد أربكه بجنون وعندما فتح باب الغرفة غادرت “ليلى” مُسرعة وهو يحدق بهذه الفتاة العنيدة التي أوشكت على إيقاف قلبه فتمتمت بضعف وصوت مبحوح:-
-أنا أسفة

 

 

تحدث بخوف ونبرة مُتلعثمة وعينيه على وشك البكاء:-
-جولتلك متنزليش
دمعت عينيها بتعب وهى تشعر بثقل في صدرها فحدثته بضعف:-
-خوفت عليك منهم
أدار رأسه عنه لتتساقط دمعته بعد أن مر بفترة مُرعبة من فكرة فراقها ورؤيتها أمامه على الأجهزة والجميع يخبره بأن يرفع الأجهزة عنها ويعلن وقت وفأته، ما مر به كان على وشك تحطيم قلبه لكنه تشبث بأمل واحد فقط فنادته بضعف:-
-ممكن تخاصمنى بعدين طيب
سعلت بتعب ليفزع وهو يسرع إليها بخوف فحدق بعينيه الباكية لترفع يدها ببطيء وتتألم لكنها لا تبالى بهذا الألم ومسكت وجهه بيديها ثم قبلت دموعه وعينيه الباكية فتشبث بها بذراعيه وهو يقول:-
-وجفتى قلبى يا عهد
لفت ذراعيها حوله لتستقر على ظهره وهى تقول:-
-غصب عنى يا حبيب عهد

 

 

عناق دافيء أخرج به كل دموعه وأنتصر على الم الفراق به، أمتصت من داخله كل الأوجاع التى لحقت بقلب حبيبها فى غيابها وهذه الندبات التى تركها الغياب بصدره والحريق الذي ألتهم قلبه وعقله، كان عناقها كفيل بإعادته للحياة رغم انه كان يتنفس لكنه شعر بأن رئتيه تختنق بدون أكسجين فى غيابها، تنفس بهدوء وسكينة بين ذراعيها المُرتجفين ضعفًا من المرض فأبتعد عنها وهو يجفف دموعه ثم تبسم بسعادة وقال:-
-أنا مش هلومك ولا هعاقبك دلوجت عشان في عز خوفى جبتيلى أحلى هدية
نظرت إليه بأستغراب شديد فوضع يد على بطنها وهمس بأذنيها قائلًا:-
-أنتِ حامل يا عهدى …….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هويت رجل الصعيد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى